ثقافة البادية في شعر أبي شُرَاعة القيسي (ت280هـ)

الملخص

يكشف البحث عن عناصر الثقافة البدوية التي اتّخذها أبو شُراعة القيسي الأساس في تشكيل معانيه الشعرية مما وصل إلينا من شعره، وهي في معظمها مما كان متداولاً لدى الشعراء العرب القدامى مع اختلاف كل منهم في أسلوب توظيفها في أبنيته الشعرية.
وإن كان أبو شراعة قد استطاع أن يضيف انفعالاته الخاصة، ورؤيته الإبداعية المختلفة لمعانيه الشعرية، إلا أن معظم ما وصلنا له كان تأثير الثقافة البدوية، التي خرجت من رحم الجزيرة العربية مع شعراء الجاهلية ومن تبعهم من شعراء العربية بعد هذا التاريخ، واضحاً، واستناده إلى عناصرها بيّناً، علماً أنه لم يكن من أهل البادية، بل عاش حياته في البصرة في زمن تغيّرت فيه البيئة المحيطة وانفتحت الثقافة العربية على الآخرين، وتأثّرت البيئات الشعرية بالتغيرات الحضارية والاجتماعية والفكرية التي أحاطت بالمجتمع العباسي آنذاك.
فكان لابد من التعريف بشخصية أبي شراعة ومصطلحات البحث الأساسية المتمثلة بالثقافة البدوية لغة واصطلاحاً. فضلاًعن الكشف عن دلالاته الشعرية التي تأثّر فيها بالثقافة العربية البدوية التقليدية، إذ ظهرت لديه العديد من القيم السلوكية والاجتماعية المرتبطة بهذه الثقافة؛ الكرم والإشادة بالنسب والأصول ومكارم الأخلاق التي تحض على رعاية العهد والوفاء به، وعلى سمات الفتوة والرجولة التي يجب أن يتمتع بها الفرد في مجتمعه، وعلى حب الأقارب رغم جورهم، كما كان حضور المرأة في شعره وأسلوب توظيفه يتوافق مع حضورها في الثقافة الشعرية البدوية وأساليب توظيفها.
وقد استلهم البحث رؤيته من قراءة متعمّقة لما وصل إلينا من شعر أبي شراعة عبر مجموعه الشعري القليل الذي جُمِع في أكثر من محاولة، معتمداً على المنهج التحليلي الوصفي للوصول إلى النتائج المرجوة، والتي كانت تتمحور حول انطلاق الشاعر من ثقافته البدوية التقليدية الأصيلة المتجذّرة في نفسه لإثبات المقدرة الشعرية المتميزة لديه وأنه، وإن امتلك نواة المعنى الشعري لغوياً ومعنوياً، إلا أنه أسبغ عليه من مقدرته الخاصة ونفسه المحبة لأصوله وثقافته العربية الغنية ما يجعله شاعراً مهماً افتقد المكانة الشعرية المستحقة نتيجة ضياع شعره، وعدم وصوله إلينا كاملاً، كما كان تأثره بالمحدث شيئاً لا يُذكر أمام انجرافه مع تيار القديم وثقافته وعناصره المؤثرة.